03/05/2021
#تهنئة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة،
نُهنيء كل الصحفيين والمدونين الأحرار الذين نذروا أنفسهم لنقل الحقيقة والدفاع عن القضايا النبيلة. إن حرية التعبير حق مقدس، لكنها لا تكتمل إلا بروح المسؤولية والالتزام بميثاق المهنة، فالكلمة الصادقة رسالة، وأمانة الكلمة لا تقلّ عن قدسيتها. كل التحية لمن جعلوا من أقلامهم منابر للوعي والتنوير، دون أن يغفلوا عن أن لا رأي يعلو فوق مصلحة الوطن.
في عالم متغير، تعصف به الأزمات السياسية والاقتصادية، تظل حرية التعبير إحدى الركائز الأساسية التي تبني عليها المجتمعات الديمقراطية أسسها. هي ليست مجرد حق مدني فحسب، بل تمثل مظهراً من مظاهر الكرامة الإنسانية، وجسراً بين المواطن والسلطة، والفكر والواقع. لكن هذه الحرية، التي تُرفع كشعار في ساحات النضال والمطالبات الحقوقية، لا تكتمل قيمتها ولا تصان قدسيتها إلا إذا اقترنت بالمسؤولية.
لا شك أن حرية التعبير هي واحدة من أهم مكتسبات الشعوب المتقدمة، وهي التي تسمح للصحفي، للمدون، وللمواطن العادي أن يُعبر عن رأيه دون خوف أو قيد، ما دام ذلك ضمن حدود القانون. إنها السبيل إلى كشف الفساد، وإثارة النقاشات البناءة، وتحفيز الحكومات على الإصلاح. من دونها، يتحول الصمت إلى تواطؤ، والخوف إلى خضوع
الخطورة لا تكمن في الحرية، بل في سوء استخدامها. فحين تُرفع الكلمة من منابر التواصل أو الصحافة دون تحقق أو تدقيق، تتحول من أداة للتنوير إلى سلاح للتضليل. وهنا تتجلى أهمية المسؤولية في العمل الإعلامي والكتابي، فليس كل ما يُعرف يُقال، وليس كل ما يُقال يُنشر.
الصحفي والمسؤول الإعلامي الحقيقي هو من يُدرك أن كل كلمة تُكتب تُحدث أثراً، إما أن تهدم أو تبني، تُفرق أو تُجمع، تُحرّض أو تُلهم. المسؤولية هي المعيار الأخلاقي الذي يُميز بين الحُرية والفوضى، وبين النقد البنّاء والهدم المغرض.
إن قدسية حرية التعبير لا تعني أن تكون الكلمة فوق الوطن، أو أن تتحول الآراء إلى خناجر تطعن في ثوابته، بل يجب أن تكون الكلمة في خدمة مصلحة الأمة، رقيباً على الانحراف، ومشعلاً يُضيء دروب الوعي. فالصحافة التي تُفقد ثقة المجتمع تُفقد تأثيرها، وتلك التي تفصل بين الحرية والمسؤولية تتحول إلى أداة هدم.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن بحاجة إلى إعادة التأكيد على أن الكلمة مسؤولية، وأن التعبير عن الرأي لا يكون مقدساً إلا إذا انبثق من ضمير حي، وعقل راجح، وروح وطنية. فـ"لا حرية بدون مسؤولية، ولا رأي فوق مصلحة الوطن".